من أعظم نعم الله على الّلغة العربيّة أن شرّفها بنزول القرآن الكريم بها يقول الله عزّ وجلّ: (إِنّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [1]، فصار كلام الله تعالى منبعًا لأحكامها، ومنه تؤخذ كلّ الأمثلة والشّواهد على قواعدها وأسسها ومخارج حروفها، كما صار مصدرًا لبيان عظمة بلاغتها وروعتها.

ومن يتعلّم أسس هذه اللّغة ويمشي على منهج قويّ في تأسيس السّمع والنّطق والقراءة والكتابة فيها، فهو يسير في طريق ممهّد نحو إتقان تجويد القرآن الكريم بشكل عملي.

وقد اعتمدت القاعدة النورانية على الرّبط بين أصول دراسة اللّغة العربيّة وأصول علم التّجويد والتّلاوة، واستقت أمثلتها وتطبيقاتها العمليّة من القرآن الكريم، ليغدو المتعلّم للقاعدة النورانية متقنًا إلى حدًّ كبير لأهمّ قواعد التّجويد والتّلاوة بشكل عمليٍّ سليم.

إذ تقوم القاعدة النورانية على إكساب المتعلّم مهارات السّمع والنّطق والقراءة والكتابة باللّغة العربيّة بأسرع وقت وأقلّ جهد ممكن، في حين أنّ هذه المهارات من شأنها إذا ما أتقنها المتعلّم أن تكون أساسه المتين في علم التّجويد العملي وتعلّمه بسهولة وإتقان.

وضمن رحلة المتعلّم للقاعدة النورانية ومن خلال الكتب الّتي يصدرها مركز الفرقان عن القاعدة النورانية وتطبيقاتها على أجزاء من القرآن الكريم، ومن خلال اعتماد هذه الكتب على تلوين بعض أحكام التّجويد الأساسيّة لتسهيل معرفة القارئ بها ونطقها بالشّكل الصّحيح يكون قد قطع مرحلة كبيرة في التّجويد وتلاوة القرآن الكريم.

تعريف علم التّجويد

هو إعطاء كلّ حرف حقّه ومستحقّه مخرجًا وصفة، فإذا تغيّر مخرج الحرف أو بعض صفاته المؤثّرة تغيّر صوته، وبالتّالي يتغيّر المعنى بتغيير الحرف[2].

وهذا الأمر يلتقي مع القاعدة النورانية في صلب اهتمامها من إتقان المتعلّم للقراءة الصّحيحة عبر التّكرار والتّلقين وما تحتاجه من تقنيات تجعل عمليّة التّعلّم أكثر إتقانًا وثباتًا.

أهم أحكام التّجويد الّتي يتقنها المتعلّم بعد تعلّمه للقاعدة النورانية

تمثّل القاعدة النورانية التّجويد العملي للقرآن الكريم لاحتوائها على أكثر من 98% من أحكام التّجويد، ومن أهم أحكام التّجويد الّتي يتقنها المتعلّم بعد دراسة القادعة النورانية:

أحكام القلقلة

من أهم أحكام التجويد التي يتقنها متعلّم القاعدة النورانية هي أحكام القلقلة، وتعرّف القلقلة بأنّها اهتزاز صوت الحرف عند النّطق به ساكنًا، وحروف القلقلة مجموعة في قولهم "قطب جد".

وفي كتب القاعدة النورانية وتطبيقاتها اعتُمِد على تلوين القلقلة وحروفها باللون الأخضر ليسهل على المتعلّم نطقها وإتقانها كلّما مرّ بها أثناء تدرّبه على القراءة.

وهذا الحكم مرتبط بشكل أساسي بمخارج الحروف وصفاته في اللّغة العربيّة والّتي تشكّل الأساس في علم التّجويد والقراءة الصّحيحة.

أحكام الغنن

يتعرّف طالب القاعدة النورانية على أحكام الغنن، وتعتبر أحكام الغنن من الأحكام المهمّة في فهم أسس تلاوة القرآن الكريم وإتقانها.

تعرّف الغنّة بأنّها صوت رخيم يخرج من الخيشوم، ويكون مصاحبًا لحرفي النّون والميم المشدّدتين غالبًا، وله زمن مقدّر بحركتين.

تعلّم القاعدة النورانية أحكام الغنن بصورة مباشرة وعمليّة، حيث يمرّ المتعلّم على الحروف المشدّدة ويتعلّم كيفيّة نطقها بشكل سليم، وبفضل أسلوب التّلقين والتّكرار تغدو الغنن تلقائيّة لدى المتعلّم خلال قراءته، ولن يجد في تطبيقها صعوبة.

أحكام النون الساكنة والتنوين

تبرز فاعليّة القاعدة النورانية في تعليم التّجويد العملي وقواعده أيضًا في أحكام النون السّاكنة والتّنوين بطريقة عمليّة مبسّطة تجعل من تطبيقها تلقائيًّأ لدى المتعلّم.

تشتمل أحكام النّون السّاكنة والتّنوين على ورود النّون السّاكنة أو التّنوين وبعدها أحد حروف الهجاء وتقسّم وفق ذلك إلى أربعة أحكام: الإظهار والإدغام والإقلاب والإخفاء، ولكلّ حكم حروفه وكيفيّة نطقه وتطبيقه.

وعندما يتدرّب الطّالب في القاعدة النورانية على القراءة فإنّه يطبّق ما تعلّمه على القرآن الكريم وآياته، ومع التّكرار والتّلقين بشكل صحيح يصبح الطّالب قادرًا على القراءة وتطبيق هذه الأحكام بشكل طبيعي بسيط.

أحكام الميم السّاكنة

تعتمد أحكام الميم السّاكنة على ورود ميم ساكنة وبعدها أحد حروف الهجاء، وتقسّم وفق ذلك إلى ثلاثة أحكام: الإظهار والإخفاء والإدغام.

وخلال رحلة الطّالب مع القاعدة النورانية وتطبيقاتها على الحروف والكلمات والجمل سيكون بوسعه تعلّم نطق هذه الأحكام من خلال التّلقين والتّكرار ممّا يجعل الأمر سهلًا عليه ومتقنًا.

التّفخيم والتّرقيق

تغرس القاعدة النورانية في الطّالب التّمييز بين التّفخيم والتّرقيق في نطق الحروف، فلكلّ منهم حروفه وطريقة نطقه.

إذ يُعرف التّفخيم بأنّه تغليظ الصّوت في نطق الحرف، وله حروف سبعة مجموعة في عبارة "خص ضغط قظ"، بينما يكون التّرقيق على العكس ويُعرف بأنّه ترقيق صوت الحرف، وحروفه هي باقي حروف الهجاء ممّا ليست ضمن حروف التّفخيم.

واعتماد القاعدة النورانية على تعليم نطق الحروف المفردة مع المدود والحركان والسّكون يفتح المجال مباشرة لتعلّم مبدأ التّفخيم والتّرقيق لكلّ الحروف ونطقها بإتقان وسلاسة.

أحكام المدود

يتدرّج الطّالب في القاعدة النورانية في التّعلم بشكل مرحلي منظّم يوصله إلى تعلّم المدود بشكل تلقائيّ ومتقن، فهي من أهم مراحل التّعلّم.

فالمدود هي إطالة الصّوت بحرف المد عند وجود السّبب، وله أنواع مفصّلة، وحروفه المعروفة ثلاثة: الألف السّاكنة المفتوح ما قبلها، الواو السّاكنة المضموم ما قبلها، الياء السّاكنة المكسور ما قبلها.

ويتقن طالب القاعدة النورانية نطق المدود بطبيعتها وأنواعها وزمن كلّ منها بشكل عمليّ دون الخوض في التّفاصيل النّظريّة لها.

يمكننا القول بأنّ القاعدة النورانية أوجدت منهجًا يجمع بين تعلّم القراءة باللّغة العربيّة وتعلّم تجويد القرآن الكريم بشكل عمليّ بعيد عن الأحكام النّظريّة وتعريفها يمكّن الطّالب من الإتقان والأداء بشكل سليم بعد إتمامها.