القرآن الكريم هو كلام الله الخالد، ومعجزة النّبيّ محمّد عليه الصّلاة والسّلام، وقد حفظه المسلمون جيلًا بعد جيل، وتناقلوه شفويًّا وكتابيًّا عبر العصور والأزمنة، ومع هذا التّناقل بين الأمصار والبلدان ظهر ما يسمّى بالقراءات والرّوايات، ولكلّ مصطلح منها مدلوله واستخدامه، فما هي القراءات وما هي الروايات؟ وما أشهر الروايات المطبّقة في كتب القاعدة النورانية؟

تعريف قراءات القرآن الكريم

تعرّف القراءات لغة بأنّها جمع قراءة، وهي مصدر الفعل قرأ قراءة وقرآنًا، بمعنى تلا تلاوة. واصطلاحًا هي -حسب تعريف ابن الجزري- وهي العلم بكيفيّة أداء كلمات القرآن واختلافها معزوًّا لناقله.

وقد نزل القرآن على سيّدنا محمّد بسبعة أحرف (أي سبع قراءات) وأخذ عنه الصّحابة بها كلّها أو أغلبها وتفرّقوا في الأمصار، ليأخذ عنهم التّابعون ومن بعدهم، حتّى وصل الأمر إلى الأئمّة المشهورين الّذين تخصّصوا في القراءات وانقطعوا لها يضبطونها ويُعنَون بها وينشرونها.

حيث بدأ نزول القرآن على سيّدنا محمّد بالقراءات كلّها، وهي موجودة في السّور المكيّة، ولكن لم تكن هناك حاجة لتداولها لوحدة اللّغة واللّهجة في مكّة وما جاورها، وظهرت الحاجة إليها عند الهجرة إلى المدينة ودخول قبائل مختلفة بلهجاتها ولغاتها في الإسلام.

الفرق بين القراءة والرواية

القراءة هي كلّ خلاف نُسب إلى إمام من أئمّة القراءات ممّا أجمع عليه الرّواة عنه، مثل نافع وابن كثير وأبي عمرو وعاصم.

أمّا الرّواية فهي كلّ خلاف نُسب إلى الآخذ عن إمام من أئمّة القراءة ولو بواسطة، مثل رواية الدوري عن أبي عمرو بواسطة يحيى الزبيدي، أو بغير واسطة مثل رواية حفص عن عاصم.

أشهر روايات القرآن الكريم المطبّقة في القاعدة النورانية

اعتمدت كتب القاعدة النورانية على ثلاث روايات في كتبها، وهي رواية حفص عن عاصم، ورواية قالون عن نافع من طريق أبي نشيط، ورواية ورش عن نافع من طريق الأزرق.

رواية حفص عن عاصم

وهي الرواية أو التلاوة للقرآن لأبي عمر حفص بن سليمان بن المغيرة بن البزاز الأسدي الكوفي، على شيخه عاصم بن أبي النجود الكوفي وهو أحد القرّاء العشرة للقرآن الكريم، وهو من أفضل تلامذة عاصم وشيخ قرّاء الكوفة من بعده.

كان حفص من التّلامذة الّذين التزموا بطريقة شيخهم عاصم في القراءة، فأتقنها وصار شيخًا فيها بعد معلّمه، فيعتبر حفص من الملتزمين في أداء الطريقة وليس مخترعها.

وسبب نسبة الرواية إليه هو ما وصل إليه فيها من الإتقان والاشتهار بين أبناء عصره، فعُرف بإتقان الحفظ والقراءة للقرآن الكريم فكانت اختيار النسبة له من هذا الباب ولم تعد تنسب هذه الرواية إلى الصّحابي أو التّابعي الذّي عُرفت له.

رواية قالون عن نافع من طريق أبي نشيط

يعدّ نافع من القرّاء العشر المعروفة قراءاتهم للقرآن الكريم والمتّبعة، وهو نافع بن أبي نعيم الّليثي، أحد أئمّة القراءة في عصره، تلقّى القراءة عن سبعين من التّابعين، منهم أبو جعفر يزيد بن القعقاع، وعبد الرّحمن بن هرمز، وشيبة بن نَصاح القاضي.

وأخذ عنه عدد من الأئمّة والخلق، منهم الإمام مالك بن أنس، وأبو عمرو بن العلاء، وأشهر الرّواة عنه اثنان (قالون وورش)، وقالون هو عيسى بن مينا بن وردان بن عيسى بن عبد الصّمد، وقالون لقب له قلّبه به نافع لجودة قراءته، وكان قارئ المدينة المنوّرة.

وأبو نشيط هو محمّد بن هارون، إمام مقرئ مجوّد وحافظ ثقة، تلا على عدد من الأئمّة والشّيوخ وسمع منهم [1].

رواية ورش عن نافع من طريق الأزرق

ورش هو من الرّواة المعروفين والمعتمد على رواياتهم في التّعلم عن الإمام نافع، وهو عثمان بن سعيد بن عبد الله، أبو سعيد المصري، ولقّبه نافع ورشًا لبياضه، وهو شيخ القرّاء والمحقّقين في مصر في عصره، وكان ثقة في القراءة وحسن الصّوت.

والأزرق هو الإمام يوسف بن عمرو يسار، أبو يعقوب المدني ثمّ المصري، المعروف بالأزرق، أخذ القراءة عرضًا وسماعًا عن الإمام ورش وخلفه في القراءة في مصر[2].

واعتمدت القاعدة النورانية على قراءة ورش وقالون عن نافع وطبعها في كتب القاعدة النورانية للأهل والأشقّاء في تونس الحبيبة لشيوع هذه القراءة في عمومهم، واعتمادهم عليها، وذلك لتكون تطبيقات القاعدة النورانية ملائمة للقراءات المعتمدة لديهم، ويتعلّم الطّالب القراءة بشكل صحيح وسليم ومتناسب مع المجتمع المحيط به.

ورحم الله تعالى أئمّة القراءات والرّواة جميعهم وجزاهم عنّا كلّ خير، وجعلنا ممّن ينتصح ويتدبّر في القرآن ويتعلّمه طيلة حياته.